ليلة النجوم

في صباح شديد الغرابة امتلأت سماؤه بالنجوم، وكان لونها أزرقَ يميل إلى السواد، والشمس أعطت بعضًا من لونها أيضًا، ليمتزج مع لون السماء كالأمواج في البحر، جلسنا على شرفةٍ شديدة الارتفاع، نحتسي أنا وهو بعضًا من القهوة الرخيصة ذات الطعم السيء جدًّا، سحبتنا الأحاديث باتّجاه آخر، إلى أن وصلنا إلى المنحدر الذي يؤدّي إلى تفكيرنا العميق وأفكارنا اللامتناهية، وسؤال آخر يخرج من فمي على أمل أن أستطيع تهدئة يديه المرتجفتين:
- لِمَ أنتَ هنا؟ 
نظر إليَّ، ولمحتُ جنونه في عينيه، لمحتُ الأمل واليأس، والخوف من الآخرين متجمّعةً في نظرة واحدة، ثم قال متردّدًا: 
- أنا هنا اللا شيء، أمضي في  اللا شيء، وأرسم اللاشيء... حاولْتُ دائمًا أن أكون شيئًا، لكنّهم يعيدونني إلى مصحّةٍ أكل العفن جدرانها، ليقولوا لي إنّني فعلْتُ كلَّ شيء يدلُّ على أنّني لا شيءَ مجدّدًا. 
لم أعلّق على جوابه الغريب، لأنّه لن يكون أغرب من صباح امتلأت سماؤه بالنجوم، ربّما بعد قليل من جلوسنا هنا سيقطع خالد أذنه الأخرى ليقدّمها لي كتعهّد بأن لا يحتسي هذه القهوة النتنة مع شخص آخر. 
أو يمكنه قطعها لأنه يريد منّي البقاء هنا، في لوحة ليلة النجوم. 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا هنا والمكان حولي فارغ.