المشاركات

عرض المشاركات من يوليو, 2020

أبجديتي

صورة
أنا أعلمُ تماماً أن لغتي العربية ليست بذاك الكمال وانني سأخطأ في كثيرٍ من الكلمات أو حتى انساها وليس لأنني أريد نسيانها بل لأن ذاكرتي قد تخونني بعض الشيء.  وأعلم أنني عندما سأكلمك من الممكنِ أن أتلعثمَ كثيراً ، وسأكون سخيفة جداً بسببِ بعض الحروف التي ستتفق على إحراجي في كل مرة  كي تجعلني ساذجة أمامك ، وستحضر لي هدية بسيطة فأشكركَ بلغة أخرى لكن علامات الفرح لن تتغير من لغة الى لغة. فسأكون غاضبة ذات الغضب عندما أتحدثُ الفرنسية أو الانجليزية لا فرق في علامات غضبي أو فرحي سوى لدغة بسيطة بحرف الراء. او سأكون شديدة على الأحرف عندما أتحدث الاسبانية وسأكون غريبة الأطوار عندما يبدأ لساني بنطق جمل غريبة باللغة الروسية ولكن عندما يأتي الأمرُ الى اللغة العربية فستضيع أحرفي ويتشتت كياني  وسأنظر الى أبجديتي الاولى ببلاهةٍ مطلقة فلا أعرف ماذا سأقول أو من أين سأبدأ.  أخبرتك انا سأبقى انا عندما أتحدث بكل لغات العالم لكن عندما أتحدث باللغة العربية ستراني مع كل حرف اكتبه انتشي لجماله ، ستراني أقول شكراً وأشعر بكل حرف ينطق فانا لن أعدك أن أكون ذات الشخص عندما أتحدثُ لغة قلبي.  

ليلة النجوم

صورة
في صباح شديد الغرابة امتلأت سماؤه بالنجوم، وكان لونها أزرقَ يميل إلى السواد، والشمس أعطت بعضًا من لونها أيضًا، ليمتزج مع لون السماء كالأمواج في البحر، جلسنا على شرفةٍ شديدة الارتفاع، نحتسي أنا وهو بعضًا من القهوة الرخيصة ذات الطعم السيء جدًّا، سحبتنا الأحاديث باتّجاه آخر، إلى أن وصلنا إلى المنحدر الذي يؤدّي إلى تفكيرنا العميق وأفكارنا اللامتناهية، وسؤال آخر يخرج من فمي على أمل أن أستطيع تهدئة يديه المرتجفتين: - لِمَ أنتَ هنا؟  نظر إليَّ، ولمحتُ جنونه في عينيه، لمحتُ الأمل واليأس، والخوف من الآخرين متجمّعةً في نظرة واحدة، ثم قال متردّدًا:  - أنا هنا اللا شيء، أمضي في  اللا شيء، وأرسم اللاشيء... حاولْتُ دائمًا أن أكون شيئًا، لكنّهم يعيدونني إلى مصحّةٍ أكل العفن جدرانها، ليقولوا لي إنّني فعلْتُ كلَّ شيء يدلُّ على أنّني لا شيءَ مجدّدًا.  لم أعلّق على جوابه الغريب، لأنّه لن يكون أغرب من صباح امتلأت سماؤه بالنجوم، ربّما بعد قليل من جلوسنا هنا سيقطع خالد أذنه الأخرى ليقدّمها لي كتعهّد بأن لا يحتسي هذه القهوة النتنة مع شخص آخر.  أو يمكنه قطعها لأنه يريد منّي البقاء ...

أمل.

صورة
إحتلني السوادُ فما عدتُ أعلم ماذا سافعل. وتبخّرت حلولي فبتُ أدور حولَ نفسي تائهةً عني وعن ملامحي.  وأبحثُ  كل يومٍ عني بينَ الكتبِ القديمة وبين الأغاني الحزينة.  أبحثُ كل يومٍ عن  طرفِ خيطٍ يوصلني إلي. وضاعت حروفي وتزلزلَ كياني فهرعتُ خائفة مسرعةً اليه ككل مرة :   " ماذا سافعل يا ربِ ضعتُ أنا ولم تضِع مخاوفي، ماذا افعل دلّني كما تفعل كل مرة ف انا وسط صحراءٍ باهتةُ الالوان بلا أملٍ أعيش، أنت يا ربِ من كنتَ الى جانبي عندما هزمتني مشاعري وقتلتني وحدتي أنت كنتَ دائماً الى جانبي.  والآن الى أين اهرب وكيف ساختفي.... تقطع جناحي فما عدتُ قادرة على الطيران، يا ربِ من انا وماذا أفعلُ هنا، دلّني الى واحةٍ دلّني الى أمل"  ونظرتُ الى سماءٍ كانت حالكةُ السواد فبدأ سوادها ينجلي وبدأت الشمس بلاشراق إذاً لن أبقى بلا أمل.... إذاً فالشمس أشرقت بعد ظلامٍ مخيف، الشمس تشرق كما تفعل كل يوم ولكن اليوم أراني اللهُ الأمرَ بشكلٍ مختلف، شعرتُ انه يقول لي أن الظلامَ سينجلي وأن الشمس ستشرق يوماً على سوادٍ احتل قلبي فما عادَ يُسمع له صوتٌ واضح ، وقفتُ عن الدوران حولَ نفسي وصوت ضحكتي...

باتجاه النور.

صورة
خرجَ من بيتهِ الصغير باتجاهِ النور باحثاً عن مخرجٍ آخر أكبرُ حجماً لينقذ أطفاله منه، ودّعهم وقبلهم وحضنهم وكأنها المرة الأخيرة نظرَ الى أعينهم الصغيرة التي تشع بالبراءة هو يعلم قسوة الحياة لكن أطفالهُ لا يعلمون بَعد ما هي.  هو يعلم حجم الألم الذي يقف في زاويةٍ ما ينتظرُ الوقتَ المناسبَ حتى يبدأ دورهُ في حياتهم. خرجَ من بيتهِ الصغير باتجاهِ النور عازماً أن لا يتركهم يوماً واحداً بلا أملٍ صغير يجعلُ حياتهم أكثر بهجة، وفي كل مرةٍ يتسلل الاستسلام الى جسده المنهك...يتذكر أحلامهم البريئة وأحاديثهم اللطيفة فكيفَ له أن يستلسم وهو لم يرى بعد أطفاله وهم يبتسمون سعيدين بما حققوه. خرجَ من بيتهِ الصغير باتجاهِ النور، خرج باحثاً عن طرقٍ أخرى ليجعلَ أطفالهً فخورينَ بما فيه الكفاية بشخصٍ أفنى حياته ليجعلَ حياتهم أفضل، قبلهم و عانقهم و ودعهم....إنه بالفعل الوداع الأخير، مشى للمرةِ الاخيرة باتجاهِ النور، خطوة أخيرة وسيصلُ الى النور فأسرع غير مباليا بأصوات الناسِ الهاربة من قذيفةٍ مقتربة إليهم و إليه حتماً.....فصوتُ قذيفةٍ مرعب فجثث... فدموع من أعينٍ بريئة صغيرة تبحثُ عن أباها وسط جثثٍ كثيرة. ...