‏ ‏sedanah

 اليوم كان اليوم الأول لنا في السماء جلسنا على غيمة بيضاء كبيرة.. غيمة بيضاء كبياض الثلج وتلك الرائحة تداعب حاسة الشم لدينا. رائحة مميزة جدا تبدو كرائحة الورد مع الليمون الطازج نوعا ما. البارحة تعبنا.... البارحة كنا مرهقين جدا.... وأي الم هذا الذي شعرنا به من قبل...اليوم قد زال لا أشعر حقا أن لدي مشاعر غير السعادة والحب والإطمئنان ويبدو أن مشاعري الأخرى السلبية المتعبة قد تلاشت تماما.  قبل قليل لعبت مع الأطفال المبتسمون الذين ذكروا لي كيف ماتوا لكنهم كانوا يذكروه بابتسامة، كانوا سعيدين لانهم ماتوا لم يهتموا بأي شيء حقا.  اليوم أنا هناك في السماء، كنت أخاف هذا المكان  لكنني حتما كنت في غاية الغباء كيف يمكنني أن أخاف.  الارواح هنا طاهرة بعيدة عن المهزلة الكبيرة التي تدعى الأرض هنا الكل مبتسمون من الداخل والخارج، هنا لا أحد مجبور على تصنع السعادة لأنهم حقا يشعرون بها.

 فليقنعني احد ان كل شيء يحدث داخل عقلي فقط وان ارضية غرفتي ليست مغطاة بالدم وان تحت سريري لا يوجد جثث، اقنعني فقط انني اغلقت الباب جيدا اقنعني ان السعادة في ركن ما في حياتي، اقنعني ان هذه الحياة يوجد فيها اناس جيدون وانها ليست مليئة بالكذب والخداع وبالخيانة، اقنعني انني عندما رحلت تمسكوا بي ولو للحظة، اقنعني انني مميزة عنهم و ابدأ بايقافي عندما تشعر انني بدات اعمل ليلا ونهارا على نفسي لكي لا اشبههم اطلاقا، اقنعني انني مثالية كما انا ولا احتاج للتعديلات واوقفني عندما ابدا بالبكاء، اقنعني بانني كنت سببا بابتسامة احدهم واقنعني انني مهمة عند احدهم او حتى انني حلم احدهم اقنعني انني اقف في ظلامي لكنني لامعة واقنعني ان لا انتحر اليوم وان احافظ على حياتي غدا، اقنعني فقط انني مهمة او لا عليك لا تقنعني بشيء.

 أجلس بمكاني أدَّعي أنني لست موجودة على الإطلاق أدَّعي أنني من ضمن الفراغ لا أُحرك ساكنا ولا أطيق أن آخذ نفسا واحدا كي لا ينفذ الهواء من دائرتي الكئيبة لا أريد التحدث ولا أريد تحريك شفتاي للأعلى أو للأسفل أريد أن أختفي فقط ، كما أنني لا أريد الموت فمسألة الأخرة تقلقني أود لو أنني أصبح غير موجودة لا أريد من احد تذكري لا أريد من قطط الشوارع أن تتذكر مروري حتى لا أريد أن أكون غريبة ولا أريد أن أكون معروفة أنا فقط لا أريد أن أكون أنا ولا أريد أن أكون أي شخص آخر إنها قائمة غريبة من الأمنيات التي تتضمن لا أريد..

 الخوف مجددا من السقوط يؤرقنا فنتجنب كل شيء يتضمن المخاطرة حتى لو كان تناول فنجان قهوة مع كاذب حكيم. و المللُ يتسرب لأعماقِ عُروقنا فنتجمد أمام كل كلمةٍ طيبةٍ نسمعها وأما الفرح والابتسامة فهم يختبئونَ تحت أسِرتنا ليقفوا أمامنا في كل ليلة صامتين ناظرين الى وساداتنا المبللة والغارقة بألمٍ ذرفناه وذرفناه حتى كدنا نذرف أنفسنا و ارواحنا... و الطريق الطويل المليئ بالنباتات الشائكة فقد تخلينا عن المشي به واخترنا ان نمشي في طريق اقل خطورة حتى لو كان يؤدي الى نتائج مختلفة عن ما نريده، فلأهم هو سلامة اقدامنا ولتحترق الاحلام المسببة للألم. فإن عاتبتني قائلا "هذه احلامكِ واهدافكِ يجب ان تموتين لاجلها".  اقول لك " هذه حياتي القصيرة فلن اموت فيها الا مرة واحدة"  والكتب على رفوفنا والاوراق القديمة على مكاتبنا ونحن.... نحن الغارقون في بحر كبير لا نستطيع النجاة منه فإن استدعى الامر اصرخ بي واسألني عن ماهيتي، اسألني عن حروبي ضد نفسي وعن كل الافكار التي اخذتني في النهاية لترميني في الهاوية، اسألني عن كل تلك الطرق التي جربتها لاتخلص من وحوش غرفتي لكنها لم تنفع  اسألني عن كل الكلمات وال...

 لم انا هنا وماذا فعلت لاكون بينهم... اجيبوني... اجيبوني ماذا فعلت لاعيش في عالم ابيض يتخلله بعض العفن الاسود وارتدي ابيض.. ماذا فعلت لاكون حبيسة كل يوم كالحيوان ياتي بعض الزائرين ليراني.... اجبني عليك اللعنة ايها الطبيب الست انت من يصعقني كل يوم ويحاول علاج الهستيريا الذي تسكنني!؟... "انتي مجنونة يا صغيرة"  عند الغضب نحن مجانين هكذا تسموننا عند الغيرة علينا اللعنة عندما نضحي هذا عملنا وعندما نبكي ههه هذه عادتنا "لا تعاودي الصراخ والتزمي الصمت فانت هنا كمئات رموهم بحجة المرض"  اقترح عليكم ان تقوموا باختراع مرض اخر اسمه النساء "لا داعي لاختراعه فهو موجود في دمنا يسري وفي معتقداتنا يجول" فلتسمعوا انا لست ناقصة عقل بل كاملة، انا الكمال ولا يوجد احد كامل بعدي انا امراة شئت اموت وشئت اعيش شئت ان اكون في مطبخي وشئت ان احكم العالم 

 كاس نرفعه لقلوبنا الميتة ونخب نقترحه من اجل الانهار الذي كانت دموعنا سببا في الحفاظ على جريانها، وقلب هناك في زاوية يبكي او انه يموت ببطء  نخب نقترحه بيد وباليد الاخرى نقتلع اعيننا كي لا نرى بشاعة هذه الحياة، نخب كبير لنا ولفراغنا ولكسرة قلوبنا التي دمرتنا، نخب ثم نخب اخر نشكر فيه بشاعتنا ونتخلى فيه عن جمال قلوبنا، نخب ناخذ اروحنا به نخب لحياة لن نستطيع العيش فيها نخب لكل الاقوياء الذين قادرون على العيش واما نحن فنخب لذهابنا الى جحيم ننتمي اليه..

أنا أعلمُ تماماً أن لغتي العربية ليست بذاك الكمال وانني سأخطأ في كثيرٍ من الكلمات أو حتى انساها وليس لأنني أريد نسيانها بل لأن ذاكرتي قد تخونني بعض الشيء.  وأعلم أنني عندما سأكلمك من الممكنِ أن أتلعثمَ كثيراً ، وسأكون سخيفة جداً بسببِ بعض الحروف التي ستتفق على إحراجي في كل مرة  كي تجعلني ساذجة أمامك ، وستحضر لي هدية بسيطة فأشكركَ بلغة أخرى لكن علامات الفرح لن تتغير من لغة الى لغة. فسأكون غاضبة ذات الغضب عندما أتحدثُ الفرنسية أو الانجليزية لا فرق في علامات غضبي أو فرحي سوى لدغة بسيطة بحرف الراء. او سأكون شديدة على الأحرف عندما أتحدث الاسبانية وسأكون غريبة الأطوار عندما يبدأ لساني بنطق جمل غريبة باللغة الروسية ولكن عندما يأتي الأمرُ الى اللغة العربية فستضيع أحرفي ويتشتت كياني  وسأنظر الى أبجديتي الاولى ببلاهةٍ مطلقة فلا أعرف ماذا سأقول أو من أين سأبدأ.  أخبرتك انا سأبقى انا عندما أتحدث بكل لغات العالم لكن عندما أتحدث باللغة العربية ستراني مع كل حرف اكتبه انتشي لجماله ، ستراني أقول شكراً وأشعر بكل حرف ينطق فانا لن أعدك أن أكون ذات الشخص عندما أتحدثُ لغة قلبي.  

في صباح شديد الغرابة امتلأت سماؤه بالنجوم، وكان لونها أزرقَ يميل إلى السواد، والشمس أعطت بعضًا من لونها أيضًا، ليمتزج مع لون السماء كالأمواج في البحر، جلسنا على شرفةٍ شديدة الارتفاع، نحتسي أنا وهو بعضًا من القهوة الرخيصة ذات الطعم السيء جدًّا، سحبتنا الأحاديث باتّجاه آخر، إلى أن وصلنا إلى المنحدر الذي يؤدّي إلى تفكيرنا العميق وأفكارنا اللامتناهية، وسؤال آخر يخرج من فمي على أمل أن أستطيع تهدئة يديه المرتجفتين: - لِمَ أنتَ هنا؟  نظر إليَّ، ولمحتُ جنونه في عينيه، لمحتُ الأمل واليأس، والخوف من الآخرين متجمّعةً في نظرة واحدة، ثم قال متردّدًا:  - أنا هنا اللا شيء، أمضي في  اللا شيء، وأرسم اللاشيء... حاولْتُ دائمًا أن أكون شيئًا، لكنّهم يعيدونني إلى مصحّةٍ أكل العفن جدرانها، ليقولوا لي إنّني فعلْتُ كلَّ شيء يدلُّ على أنّني لا شيءَ مجدّدًا.  لم أعلّق على جوابه الغريب، لأنّه لن يكون أغرب من صباح امتلأت سماؤه بالنجوم، ربّما بعد قليل من جلوسنا هنا سيقطع خالد أذنه الأخرى ليقدّمها لي كتعهّد بأن لا يحتسي هذه القهوة النتنة مع شخص آخر.  أو يمكنه قطعها لأنه يريد منّي البقاء ...

إحتلني السوادُ فما عدتُ أعلم ماذا سافعل. وتبخّرت حلولي فبتُ أدور حولَ نفسي تائهةً عني وعن ملامحي.  وأبحثُ  كل يومٍ عني بينَ الكتبِ القديمة وبين الأغاني الحزينة.  أبحثُ كل يومٍ عن  طرفِ خيطٍ يوصلني إلي. وضاعت حروفي وتزلزلَ كياني فهرعتُ خائفة مسرعةً اليه ككل مرة :   " ماذا سافعل يا ربِ ضعتُ أنا ولم تضِع مخاوفي، ماذا افعل دلّني كما تفعل كل مرة ف انا وسط صحراءٍ باهتةُ الالوان بلا أملٍ أعيش، أنت يا ربِ من كنتَ الى جانبي عندما هزمتني مشاعري وقتلتني وحدتي أنت كنتَ دائماً الى جانبي.  والآن الى أين اهرب وكيف ساختفي.... تقطع جناحي فما عدتُ قادرة على الطيران، يا ربِ من انا وماذا أفعلُ هنا، دلّني الى واحةٍ دلّني الى أمل"  ونظرتُ الى سماءٍ كانت حالكةُ السواد فبدأ سوادها ينجلي وبدأت الشمس بلاشراق إذاً لن أبقى بلا أمل.... إذاً فالشمس أشرقت بعد ظلامٍ مخيف، الشمس تشرق كما تفعل كل يوم ولكن اليوم أراني اللهُ الأمرَ بشكلٍ مختلف، شعرتُ انه يقول لي أن الظلامَ سينجلي وأن الشمس ستشرق يوماً على سوادٍ احتل قلبي فما عادَ يُسمع له صوتٌ واضح ، وقفتُ عن الدوران حولَ نفسي وصوت ضحكتي...

خرجَ من بيتهِ الصغير باتجاهِ النور باحثاً عن مخرجٍ آخر أكبرُ حجماً لينقذ أطفاله منه، ودّعهم وقبلهم وحضنهم وكأنها المرة الأخيرة نظرَ الى أعينهم الصغيرة التي تشع بالبراءة هو يعلم قسوة الحياة لكن أطفالهُ لا يعلمون بَعد ما هي.  هو يعلم حجم الألم الذي يقف في زاويةٍ ما ينتظرُ الوقتَ المناسبَ حتى يبدأ دورهُ في حياتهم. خرجَ من بيتهِ الصغير باتجاهِ النور عازماً أن لا يتركهم يوماً واحداً بلا أملٍ صغير يجعلُ حياتهم أكثر بهجة، وفي كل مرةٍ يتسلل الاستسلام الى جسده المنهك...يتذكر أحلامهم البريئة وأحاديثهم اللطيفة فكيفَ له أن يستلسم وهو لم يرى بعد أطفاله وهم يبتسمون سعيدين بما حققوه. خرجَ من بيتهِ الصغير باتجاهِ النور، خرج باحثاً عن طرقٍ أخرى ليجعلَ أطفالهً فخورينَ بما فيه الكفاية بشخصٍ أفنى حياته ليجعلَ حياتهم أفضل، قبلهم و عانقهم و ودعهم....إنه بالفعل الوداع الأخير، مشى للمرةِ الاخيرة باتجاهِ النور، خطوة أخيرة وسيصلُ الى النور فأسرع غير مباليا بأصوات الناسِ الهاربة من قذيفةٍ مقتربة إليهم و إليه حتماً.....فصوتُ قذيفةٍ مرعب فجثث... فدموع من أعينٍ بريئة صغيرة تبحثُ عن أباها وسط جثثٍ كثيرة. ...

المللُ يتسرب لأعماقِ عُروقنا فنتجمد أمام كل كلمةٍ طيبةٍ نسمعها و إن ما يقالُ عنه الفرح والابتسامة يختبئونَ تحت أسِرتنا ليقفوا أمامنافي كل ليلة صامتين ناظرين الى وساداتنا المبللة والغارقة بألمٍ ذرفناه وذرفناه حتى كدنا نذرف أنفسنا وأرواحنا لولا خوفنا المستمر من فقدان هذه الحياة ، مع أنه لا فارق إن بقينا على قيد الحياة أو أخذنا الموت بعيداً فبالنسبة لنا كل شيءٍ باتَ متشابهاً جداً، متشابهاً الى الحد الذي يجعلنا لا نفرّق بين اليوم وغداً وبعدَ غد.

لا بأس صغيري هذه الأوقات ستمُر أنا أعلم هذا جيداً ، والآن إرفع رأسكَ وابتسم، أُنظر الى السماء الى القمرِ والنجوم كُلهم يعلمونَ بوجودكَ يعلمونَ كم مرةً تألمتَ من كلمةٍ جرحتكَ وكم مرةٍ نَزفتْ روحكَ الى أن شعرتَ بخلودها الى النومِ الأبدي لكن لا بأس لأن كُل هذهِ النجوم والقمر  معك ويحبونكَ وينتظرونَ الليل ليرونَ عيناكَ المتعبتين لا بأس هذا الوقتُ سيمر ،ستصبحُ بحالةٍ أفضل ستكون رائعاً، أعطي فرصة صغيرة لنفسكَ انظر لقلبكَ الصغير وروحكَ الرقيقة أيستحقُ الأمرُ حقاً أن تُرهقَ نفسك، لا بأس.... صدّق آمن واغفر لنفسكَ وأحِبها حباً شديداً لأنه لا أحد سيفعلُ هذا غيرك ، وإن قالوا لكَ أنك لا تستطيع تحقيق أي شيء قُل لهم أن النجومَ والقمرَ يُصدقون أنكَ تستطيع و أخبرهم أنني أخبرتُكَ أنك ستلمعُ بعد إنطفاءٍ طَويل..

يقول مذيع الراديو بصوتٍ يرتجف :  إنها اللحظةُ الاخيرة إننا ننظرُ الى عينِ القدر وهو يسحقنا سحقاً مميتاً، إنها اللحظة الاخيرة التي نستطيع فيها أن نمسك أيدي من نحب والنظرة الاخيرة التي نوجهها لوجوه بعضنا بعضاً، إنها النهاية لن ننجو، إنه في كل مكان وفي كل جسد على هذه الارض الى اللقاء في عالمٍ آخر لن نكون موجودين فيه، الى اللقاء على أرضٍ أُخرى ندمرها وهواء آخر نلوثه وأرواحٍ أخرى نقتلها بلا ذنب...

لنحتفل سويا على مائدة الجحيم ولنعلن نخبا لحظنا التعيس الذي كان سببا في وجودنا هنا انا ووحدتي ويأسي الشديد ننتظر امل مجيئك الى حفلنا الليلة ونتوقف لحظة صمت على حظك اللعين الذي أدى واجبه بشكل كامل، ونلتقي بعيناك المتعبتين المرهقتين من نوم طويل تهرب فيه من نفسك فتجد عذاب الكوابيس ينتظرك، انا ووحدتي ويأسي الشديد ننتظر بؤسك لينضم معنا، انا ووحدتي ويأسي الشديد ننتظرك عند اول بوابة الجحيم لنستقبلك استقبالا يليق بابتسامتك المتعبة وشعرك المبعثر وهندامك القذر. انا ووحدتي ويأسي الشديد ننتظرك الان وغدا وبعد غد والى الأبد.

أسرع فوراً.  إنهم في الطريقِ اليك حاول ترتيبَ شعرك المبعثر وزيّن وجهك التعيس بابتسامة عريضة انهم اتون اليك ليتحدثوا عن بعض الامور التي فعلتها البارحة، لا تقلق ، انهم لا يعلمون انك خبّئت كل ذكرياتك اسفل وسادتك لتحميها من اعينهم الفضولية، لا تنسى ان تقول لهم كم انت سعيد وانت تنظر الى هذه الجدران المتآكلة، والى الورود التي سمعتها البارحة تصرخ طلبا للمساعدة، لا تقول لهم ان المعالج السابق تحت سرير احدَ المرضى فستكون وجبة دسمة لباقي المرضى بعد ان يغادروا هؤلاء الغرباء. والاهم من هذا لا تقل لهم انك تراني، سيخافون سيفزعون، سيهربون، فقط كن حذرا وابتسم. 

لا تجلس هنا ستكون قريباً جداً مني لا أحتمل مظهرك القبيح هذا وايضا لا تجلس بعيداً جداً فلا اسمع همساتك مع نفسك، ولا تبدا بالشكوى منهم فانا هنا لا احتمل وجودي ووجود مشاكلي فلن احل مشاكلك او افكر فيها.  قلت لك مئات المرات ان تنظر بأعينهم ولا تخشاهم فأنت منهم الآن اعلم ان قلبك يرتجف عندما تراهم لكن هم ايضا يرونك تماما بمظهرك هذا مثلهم، انا اتكلم بجدية الان لا تثرثر كثيرا فتتشبه بالبشر حاول ان تجعل عيناك تتكلم لا تسالني كيف ستجعل عيناك تتكلم انا احاول ان اجعلها تتكلم دائما لكن يبدو ان عيناي خرساء لا تفقه معنى الكلام. انظر! اضعنا كل وقتنا ونحن نثرثر بذات الموضوع انهم آتون . الآن هل يمكنك الرحيل فلن اجعلهم يظنون انني مخبولة تتكلم مع كرسي فارغ وايضا لا تنظر لي هذه النظرات الغريبة يا أحمق، بهذه الطريقة لن تجعل عيناك تتكلم، انصرف!

تملك الكثير لتبهر به العالم، لتكون مميزاً بين كل هذه السخافات التي تحصل، تستطيع اليوم وغدا وبعد غد ان تلمع بشدة بينهم.  يمكنك التخلص من كل هذه السخافات والترهات الغارق بها، يمكنك التحرر من كل القيود التي تسحبك الى القاع دائما، يمكنك ان تكون حراً من كل شيء قد يمنعك من المحاولة، اليوم وغدا وفي لحظة ما سينظرون اليك ليتمنوا امتلاك نصف الاطمئنان الذي تمتلكه سيتمنوا ان يواجهوا كل مشاكلهم بسلام وهدوء شديدين كما تفعل.  ان يغرقوا لكن يحاولوا السباحة مرة اخرى لانهم ياخذونك كمثال جميل، كمثال حي للشجاعة واللطف والتفكير العميق والمحاولة ثم المحاولة ثم المحاولة، نحن نستطيع قتلهم بافكارنا الجميلة نستطيع اطفاء حقدهم كلما ابتسمنا كلما كنا نموت سرا ونضحك علنا كلما كنا أقوياء.

تشعر بالغثيان والتعب والارهاق من كثرة الذكريات التي تشغل عقلك وكل المواقف التي وقفت بها حائرا لا تدري ماذا ستفعل، تشعر بعدم القوة ، والضعف يهزم كيانك ،يرتجف قلبك وتمتلىء عيناك تحاول هزيمة كل شيء او حتى تحاول الهرب لكن دائما ما تعود الى سريرك حاملا كل تلك المتاعب مستلقيا تاركا نفسك لعقلك الذي يستمر في تعذيبك. في الحقيقة نحن اعداء انفسنا نقف بين طيات الماضي عاجزين عن الحركة او الخروج نستمر بالغرق في اشياء فعلناها بقصد او دون قصد وننسا تماما اننا اتخذنا تلك القرارات بناءا على افكارنا في تلك الفترة التي مضت والتي حتما لن تعود، مررنا بتجارب كثيرة صنعتنا لذا لا تفكر ابدا بالقرارات التي اتخذتها في فترة ما ، فتلك القرارات كانت الانسب في تلك الفترة 

حياتهم مهمة ايضا. تخيل لو نبذك بعض الاشخاص فقط لانك تحب التفاح ، او فقط لانك تفضل اللون الأزرق، ان يتنمروا عليك وحتى قد يصل الامر لضربك فقط لاختلافك بهذا الشيء عنهم، ينبذوك متجاهلين كل الصفات الجميلة التي تمتلكها وكل الاخلاق الحميدة التي تتحلى بها. كل هذا يرمونه وراء ظهورهم وحتى يقرروا انك لا تستحق الحياة فقط لانك تحب التفاح. هذا التوضيح البسيط للجهل والغباء. وهذا التوضيح للعنف والعنصرية الذي جرى بكل اشكاله على مر العصور ليس فقط على اصحاب البشرة السوداء بل ايضا على كل شخص آمن وتصالح مع فكرة انه مختلف هم فقط يقولون لك انك لا تكفي.  لا يآمنوا باننا لم نختر يوما كيف سنخلق ، لم نختر لوننا وجنسيتنا واللغة التي سنتكلم بها نحن لم نختر كل هذا لكننا حتما صنعنا فرقا بافكارنا وبكلامنا، لذا توقفوا عن العنصرية لأن الارض تشعر بالغثيان من كل الحروب والأذى والأمراض والعنصرية والعنف، ان البحار امتلئت بدموع الاطفال والفقراء والمعنفين والمتنمرون عليهم، لذا توقفوا.  حياة كل شخص مهمة مهما كان لونه او عرقه او دينه.  BlackLivesMatter George Floyd I can't breathe